أعراض الاكتئاب وتشخيصه وأسبابه وعلاجه

يعتبر مرض الاكتئاب من أشد أمراض العصر انتشاراً وفتكاً بالأفراد والأمم والمجتمعات . وما يؤدي إليه من انتحار و تفكك أسري و تردّي اجتماعي و تخلّف سلوكي . . 

يتناول هذا البحث تعريف بمرض الاكتئاب وأعراضه وطرق تشخيص مرض الاكتئاب وأسبابه وبعض النصائح الهامة لعلاجه.
ما هو مرض الاكتئاب؟
من وقت لآخر يشعر كل إنسان بشئ من الكآبة وتكدر المزاج لكن هذا الشعور لا يدوم ولا يكون هو الشعور السائد لدى الإنسان. ذلك الشعور البسيط يختلف عن مرض الاكتئاب الحقيقي الذي يظهر على شكل أعراض محددة ومعروفة لدى الأطباء، والاكتئاب يتراوح في شدته ما بين الاكتئاب البسيط المزمن إلى الاكتئاب الحاد الذي يسترق الطاقة النفسية والروحية والجسمية للإنسان بحيث لا يعود قادراً على القيام بمهامه العادية بل قد يؤدي به إلى إيذاء نفسه.
ما أعراض الاكتئاب؟ وكيف يتم تشخيصه؟
لكي يتم تشخيص مرض الاكتئاب الحاد لابد من وجود أعراض معينة هي شعور شبه دائم بالكآبة الشديدة (ضيقة الصدر) والحزن وربما البكاء بسهولة، كذلك الشعور بفقدان الرغبة والفرح بالأشياء السعيدة المفرحة، وعدم الاستمتاع بالنشاطات اليومية مثل العمل أو الهوايات، كذلك ضعف الرغبة الجنسية او فقدانها بالكامل.
كما يشترط بالإضافة للأعراض المذكورة وجود أربعة أعراض من الأعراض التالية بحيث يعاني منها المريض معظم الأوقات ولمدة لا تقل عن أسبوعين وهي:
1
شعور متزايد بالذنب بشكل مفرط وغير منطقي ولوم النفس بشكل مبالغ فيه بالإضافة إلى احتقار النفس وفقدان الثقة بالنفس.
2
فقدان التركيز والقدرة على التفكير، كذلك فقدان القدرة على اتخاذ القرارات.
3
فقدان النشاط والشعور بالتعب العام والإعياء الدائم.
4
الأرق او زيادة النوم.
5
البطء النفسي والحركي او زيادة التوتر والتهيج النفسي والحركي.
6
يشترط أيضا التأكد ان هذه الأعراض ليست بسبب مرض عضوي بالجسم مثل كسل الغدة الدرقية او الامراض المزمنة الأخرى.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن مرض الاكتئاب قد يظهر في شكل أعراض جسمية عضوية مثل الصداع المزمن، آلام أسفل الظهر المزمنة، أعراض القولون العصبي، آلام الصدر، الضعف الجنسي عند الرجال او النساء، كما ان هناك اشكالا اخرى للاكتئاب مثل الاكتئاب البسيط المزمن والذي تظهر فيه أعراض الاكتئاب بصورة اقل حدة من الاكتئاب الحاد، وقد تستمر هذه الاعراض لسنوات عديدة. وتجدر الإشارة الى ان مرض الاكتئاب يتم علاجه في عيادة طبيب الاسرة او الطبيب النفسي.
ما أسباب مرض الاكتئاب؟
هناك عدة عوامل تلعب دوراً مهماً في ظهور مرض الاكتئاب، وهي تشمل عوامل عضوية مثل بعض الأمراض العضوية كجلطات الدماغ، الشلل الرعاشي، كسل الغدة الدرقية إلى غير ذلك. كما ان العوامل النفسية والاجتماعية تلعب الدور الأكبر في ظهور أعراض الاكتئاب، كذلك عامل الوراثة. وقد وجدت الدراسات الحديثة ان هناك علاقة بين مرض الاكتئاب ونقص بعض المواد الكيميائية في المخ والأعصاب وتسمى هذه المواد “الناقلات العصبية” مثل مادة (السيروتونين).
ما مخاطر مرض الاكتئاب؟
قد يؤدي مرض الاكتئاب إذا لم يتم تداركه وعلاجه مبكراً إلى تدهور الوضع النفسي والاجتماعي للشخص، كما أن مرض الاكتئاب يستنزف الطاقة الروحية للإنسان بحيث قد يتخلى عن العبادات مثل الصلاة.
كيف يتم علاج الاكتئاب؟
تتضمن علاجات الاكتئاب أساليب متعددة، مثل العلاج النفسي والسلوكي والمعرفيcognitive كذلك العلاج بالعقاقير.
وتجدر الإشارة الى أن قراءة القرآن الكريم والأحاديث النبوية التي تتضمن أدعية خاصة بالهم والحزن هي من أهم الأساليب العلاجية بإذن الله، إلا أن الأدوية الطبية الحديثة ضرورة لابد منها في كثير من حالات الاكتئاب، حيث انه بعد اكتشاف الأدوية الحديثة المستعملة في علاج الاكتئاب تم بإذن الله شفاء الكثير من مرضى الاكتئاب. ويجب التنبيه الى أن هذه الأدوية تعتبر من الأدوية المأمونة وقليلة الأعراض الجانبية، ولا تؤدي إلى التعود أو الإدمان، كما يجب الإحاطة بأن التأثير العلاجي لهذه الأدوية يبدأ بعد أسبوعين على الأقل من بداية استعمالها، وقد تمتد فترة العلاج الى فترة قد تصل الى ما يزيد على السنة، وحتى تحصل الفائدة المرجوة من العلاج النفسي والعلاج بالأدوية لابد من وجود علاقة قوية ومستمرة بين المريض وطبيبه.
ما مآل مرض الاكتئاب؟
الكثير من مرضى الاكتئاب يتم شفاؤهم بإذن الله باستعمال الأدوية المضادة للاكتئاب وهناك فئة أخرى تتعرض لتكررنوبات الاكتئاب وهذه الفئة تحتاج إلى علاج لفترات أطول أو إضافة أدوية أخرى منعاً لحدوث انتكاسة في حالة المريض.
إضاءات في الطريق نحو التعافي من الاكتئاب:
مهما بلغت حدة الشعور بالاكتئاب، فإنه يمكن السيطرة عليه مع الوقت وقليل من الجهد، بل والعلاج إن استدعى الأمر. وقد تطورت وسائل العلاج والتعامل مع الاكتئاب، سواء من الناحية الدوائية أو العلاج السلوكي والتحكم بنمط التفكير وردود الفعل، عن طريق تمارين ذاتية أثبتت نجاحها في علاج حتى أعتى حالات الاكتئاب.
إن أساس فكرة العلاج السلوكي الإدراكي هو أننا بإمكاننا أن نعيد برمجة أذهاننا ونتخلص من الأفكار الانهزامية السلبية.
إن الشعور بالكآبة شعور مؤلم، يستنفد طاقة الفرد، ويسبب له الشعور بالخور والهبوط والإحباط، إلا أنه قابل للانفراج، بالبدء بخطوات صغيرة نحو التغيير، والبناء عليها خطوة بخطوة بثبات، وصبر، وأمل، واستعانة بالمحيط الاجتماعي المساند.
التعافي من الاكتئاب يحتاج إلى طاقة، وهذه يصعب جدا ايجادها أثناء هجمة الكآبة، بل لعل مجرد التفكير ببذل طاقة يعتبر بحد ذاته مجهود لمن يعانيها. الوضع صعب، لكنه ليس مستحيل، وإليك بعض الخطوات –أو الإضاءات- التي قد تعين:
إضاءة – 1- حافظ على دائرتك الاجتماعية مهما بلغ بك الحال.
حين تضيق بك الأمور، قد تميل نفسك إلى الانطواء أو الانعزال وتجنب الناس. حاول أن تقاوم هذا الشعور، وخذ خطوات، ولو بسيطة، باتجاه الاختلاط مع من ترتاح إليهم عادة، ومن يبثون في نفسك السعادة والتفاؤل.
قد تشعر بالخجل من اكتئابك، أو بالخوف من ظهور علاماته لمن حولك، أو بانعدام الطاقة للمحادثة والمشاركة في اي شيء، لكن من المهم أن تعلم أن الانعزال يزيد من كآبتك، ويغرقك في أعماق أفكارك السلبية.
إضاءة -2- اعتن بنفسك.
لكي تتغلب على الاكتئاب، فإنك بحاجة لئن تلتزم ببعض الخطوات التي قد تبدو بسيطة وغير ذات أهمية، إلا أن لها المفعول الملحوظ جدا في تبديد ما تشعر به من غم:
1.
إحرص على قضاء بعض الوقت في الطبيعة، ولو لم يكن الجو ملائما. حاول -في الصيف- أن تتنزه في الليل مثلا، وفي الشتاء في النهار.
إضاءة -3- مارس الرياضة بانتظام
حين تكون مكتئبا قد تكون الحركة هي آخر ما تود القيام به، لكن الرياضة أداة فعالة في مكافحة الاكتئاب، بل لقد أثبتت الأبحاث أن الممارسة المنتظمة للرياضة كثيرا ما تحقق نفس النتائج التي تحققها الأدوية مضادات الاكتئاب في رفع مستوى الحيوية، وخفض شعور الإجهاد لدى الشخص المكتئب. 
إضاءة -4- اجعل غذاءك متوازنا وصحيا بقدر الإمكان
إضاءة -5- تجنب الأفكار السلبية وارفضها:
يقول الاخصائي النفسي ديفيد بيرنز: “المكتئبون هم أساتذة فن الخداع! إذ أنهم بنظرتهم المتشائمة لديهم القدرة على قلب النجاح إلى فشل، والفشل إلى إخفاق.” كثير ممن عندهم القابلية للكآبة هم من أكثر فئات المجتمع نجاحا وإنجازا، إلا أنهم مصابون بداء التفكير السلبي المتواصل حول أنفسهم ومستقبلهم، ورؤيتهم تلك تشوه نظرتهم للكون حتى يغدو كل شيء حولهم كئيب وبائس.
إضاءة -6- إحرص على مصاحبة الشخصيات الإيجابية، وتجنب المتشائمين والسلبيين:
لا أحد ينكر أثر الصاحب على النفس، فالصاحب ساحب، فقل لي من تصاحب اقل لك كيف ستشعر!
وقد نبه الله تعالى في أكثر من موضع في القرآن على أهمية اختيار الرفقة، لعل من أهمها قوله تعالى: {يا ايها الذين أمنوا اتقوا الله، وكونوا مع الصادقين}، فأمر بعد التقوى باختيار الصحبة.
إضاءة -7- لا تتردد في اللجوء للمساعدة إذا شعرت بالحاجة
إن كل ما ذكرناه مسبقا من خطوات، من شأنها أن تنجح في تبديد أغلب حالات الاكتئاب البسيط والمتوسط، إذا ما تم الالتزام بأغلب الخطوات بثبات واستمرار، والتحلي ببعض الصبر.
إلا أن الشعور بالاكتئاب في بعض الأحيان قد يكون من الحدة بحيث يصعب على الإنسان أن يتغلّب عليه وحده، ويحتاج إلى معونة من متخصص.
 { رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10)} سورة الكهف

Makada40




أعراض الاكتئاب وتشخيصه وأسبابه وعلاجه أعراض الاكتئاب وتشخيصه وأسبابه وعلاجه Reviewed by Nourddin erron on 3:51:00 م Rating: 5
يتم التشغيل بواسطة Blogger.