ظاهرة التصحر
مقدمة :
يعتبر التصحر مشكلة عالمية تعانى منها العديد من البلدان في
كافة أنحاء العالم، حيث تتفاعل فيها الطبيعة بمكوناتها مع الإنسان بمختلف أنشطته
الحياتية التي يقوم بها، وهي إحدى مظاهر التغيير الذي يطرأ على المنظومة البيئية
لمنطقة ما.
يزداد معدل الأراضي التي تتعرض للتصحر عبر العالم بشكل متسارع،
وتقدر مساحة الأراضي، التي تخرج سنويا من نطاق الزراعة نتيجة عملية التصحر بحوالي
50,000 كم2 ،وتبلغ نسبة الأراضي المعرضة للتصحر 40% من مساحة اليابسة
وهي موطن أكثر من مليار إنسان. واغلب المناطق المعرضة للتصحر تقع في الدول النامية
في أفريقيا و آسيا و أمريكيا اللاتينية ومنطقة الكاريبي. ويقدر برنامج الأمم
المتحدة للبيئة قيمة الإنتاج التي تفقد سنويا في الدول النامية بسبب التصحر بـِ 16
مليار دولار.
من
الجدير بالملاحظة إن الكثير من هذه الأراضي المتصحرة أو المهددة بالتصحر يقع في
أرجاء عالمنا العربي. إذ تشير بعض الأرقام إلى أن حوالي 357,000 كم2.
تعريف
التصحر :
يعرف
التصحر بأنه تدهور الأرض في المناطق الجافة وشبة الجافة وشبه الرطبة الناتجة عن
عوامل مختلفة منها التغيرات المناخية والنشاطات البشرية .
وقد عرف في ختام المؤتمر العالمي 1977م على
أنه ( التدهور الجزئي أو الكلي للطاقة البيولوجية للتربة في منطقه ما بحيث يؤدي في
نهاية الأمر إلى ظهور الشروط الصحراوية في تلك المنطقة .
حالات
التصحر :
تختلف حالات التصحر ودرجة خطورتها من منطقة لأخرى
تبعاً لاختلاف نوعية العلاقة بين الطبيعة من ناحية وبين الإنسان .
وهنالك أربع درجات أو فئات لحالات التصحر حسب
تصنيف الأمم المتحدة للتصحر :-
أ- تصحر خفيف :
وهو حدوث تلف أو تدمير طفيف جداً في الغطاء النباتي
والتربة ولا يؤثر على القدرة البيولوجية للبيئة .
ب- تصحر
معتدل :
وهو تلف بدرجة متوسطة للغطاء النباتي وتكوين كثبان رملية
صغيرة أو أخاديد صغيرة في التربة وكذلك تملح للتربة مما يقلل الإنتاج بنسبة
10-15%.
ج- تصحر
شديد :
وهو انتشار الحشائش والشجيرات غير المرغوبة في المرعى
على حساب الأنواع المرغوبة والمستحبة وكذلك بزيادة نشاط التعرية مما يؤثر على
الغطاء النباتي وتقلل من الإنتاج بنسبة 50% .
د- تصحر
شديد جداً :
وهو تكوين كثبان رملية كبيرة عارية ونشطة
وتكوين العديد من الأخاديد والأودية وتملح التربة وهو الأخطر في أنواع التصحر .
أسباب
التصحر :
هناك عاملان أساسيان لحدوث التصحر هما:
أولا-العامل الإنساني:
يعتبر سوء استغلال الإنسان للأرض والموارد الطبيعية هو السبب الرئيسي
للتصحر حيث أن زيادة عدد السكان بشكل يفوق إمكانيات الأرض الإنتاجية في المناطق
الجافة وشبه الجافة وذلك عن طريق:
1-الزراعة المكثفة وزراعة محاصيل تحتاج إلى مياه كثيرة مثل الأرز والقمح.
2- الرعي الجائر خاصة خلال فترات الجفاف.
3-قطع الأشجار لاستعمالها كوقود أو إزالتها بسبب الزحف العمراني.
4- المغالاة في الري لأنها تدمر التربة بسبب معدل التبخر العالي مما يؤدي
إلى زيادة ملوحة التربة بعد كل سقاية وسرعان ما تكتسي التربة بقشرة من الملح.
ثانيا-العامل
المناخي:
يعتقد البعض أن ظاهرة التصحر بغض النظر عن أي عوامل أخرى هي تغيير مناخي
عالمي فالمناخ الحالي استمرار للمناخ الجاف الذي بدأ منذ 5000 سنة(منذ العصر
الحجري) أي أن التصحر ناتج عن جفاف تدريجي للمناخ مع تغييرات مناخية كونية ليس
للإنسان أي دخل فيها وتتوفر في الصحاري أدلة جيولوجية وأثرية وبيولوجية عن تغييرات
المناخ في الأزمنة القديمة ولقد تم العثور على عظام حيوانات وكسرات من قشور بيض
النعام وأحجار طواحين وأواني فخارية.ويعتقد أن مناخ الصحاري يتبع دورات زمنية
معينة منها القصيرة كل 7 سنوات ومنها الطويلة كل 135 سنة ومثال على ذلك عندما ضرب
الجفاف منطقة الساحل سنوات 1968-1973 ثم اتبعتها بست سنوات غزيرة الأمطار حتى حلت
دورة جفاف أخرى بدأت في العام 1980 وهكذا.
ومن منظور جيولوجي بحت نجد أن الصحاري عبر التاريخ الجيولوجي كانت تتمدد
وتتقلص مع عدم وجود أي أنشطة بشرية سابقا فالصحاري المتحفرة أصبحت الآن غير نشطة
بسبب تثبيتها بالنباتات.
نتائج
التصحر :
للتصحر العديد من النتائج أبرزها : النتائج
البيئية والاقتصادية والاجتماعية. فبالنسبة للأولى تتمثل في تدهور الحياة النباتية
والحيوانية (بعض فصائل النباتات و الحيوانات انقرضت فعلا) وفي تدهور التربة
والمراعي وتقلص مساحة الأراضي الزراعية ونقص في الثروة المائية وتدهور نوعيتها
وبالأخص ارتفاع نسبة الملوحة فيها.كل ذلك يعود إلى الاستخدام غير السليم والجائر
لهذه الموارد. وفي النهاية يمكن أن يكون تدهور البيئة عاملا رئيسيا في تغير المناخ
.
أما النتائج الاقتصادية المباشرة فتتمثل
بتدهور الأرض وتصحرها في قدرة البلدان على إنتاج الأغذية، وينطوي بالتالي على
تخفيض الإمكانيات الإقليمية والعالمية لإنتاج الأغذية، كما إنهما يسببان أيضا في
إحداث العجز الغذائي في المناطق المهددة، مع ما لذلك من اّثارعلى الاحتياطات
الغذائية وتجارة الأغذية في العالم. ونظرا لان التصحر ينطوي على تدمير للحياة
النباتية ونقصان مجموعات نباتية وحيوانية كثيرة، فهو أحد الأسباب الرئيسية لخسارة
التنوع البيولوجي .
أما
النتائج الاجتماعية للتصحر فتتمثل في تزايد هجرة سكان الريف والرعاة نحو المدن
طلبا للعمل ولحياة أفضل. وينتج عن هذه الهجرة ضغوط متزايدة، على إمكانيات المدن
المحدودة، وتساهم في زيادة معدل نمو سكانها أسرع من معدل نمو سكان الريف. معدلات
النمو العالية في المدن تشكل عبئا على الحكومات لتوفير الخدمات الاجتماعية المكلفة
على حساب الهياكل الارتكازية المنتجة.ويولد ضغط الهجرة الريفية-الحضرية الكثير من
المشاكل الاجتماعية في المدن مثل:انخفاض المستوى ألمعاشي، البطالة،قلة
الخدمات الصحية والتعليمية،قلة السكن،التوترات والنزاعات الاجتماعية،الإخلال
بالأمن…الخ.ثم
ان إفراغ الريف من سكانه وترك الأرض يساهم هو الآخر في استمرار التصحر.
طرق مكافحة التصحر:
إن وقاية التربة قبل تدهورها والعمل على إزالة أسباب التصحر يعد من أكثر
الوسائل فعالية واقتصادية من عملية إعادة الحياة من جديد للأرض الصحراوية أو
المتجهة للتصحر وذلك بالآتي:
1- التحكم في الرعي الطبيعي لتجنب تدمير الغطاء النباتي.
2- التشديد على عمليات قطع الأشجار واستخدامها كوقود والبحث عن مصادر بديلة
لها.
3- وضع استراتيجيات وأولويات مكافحة التصحر ضمن سياسات التنمية المستدامة.
4- وقف زحف الكثبان الرملية وذلك بتثبيتها بعدة طرق لتقييد حركة الرمال.
5- حماية الواحات والمزارع بسياج من الأشجار التي تسمى مصدات الرياح كذلك
يمكن زرعها بصورة متناثرة بالداخل لتثبيت التربة .
6- استعمال طرق الري الصناعي وعدم المغالاة في الري لأنها تدمر التربة .
7- الابتعاد عن إنتاج محاصيل تحتاج إلى مياه ري كثيرة.
8- استخدام أساليب تكنولوجية حديثة خاصة بالزراعة في الصحراء مثل استخدام
مادة تسمى السانوبلانت تخلط بالتربة الرملية فتحفظ الماء والسماد للنبات وتمنع
تسربه لأسفل وهي بذلك تقلل من كمية مياه الري وتمنع تلوث المياه الجوفية.
9- استخدام وسيلة الاستشعار عن بعد كتقنية فعالة لدراسة التصحر منذ 25 سنة.
10- حماية التربة من كل أشكال التعرية والانجراف ومقاومة تملحها، و مكافحة
الاستخدام المفرط للأسمدة والمبيدات الكيماوية .
11- وضع و تنفيذ حملات التثقيف و التوعية البيئية و التركيز على
خطر التصحر.
مدونة مكادة40 - Makada40
بحث كامل عن التصحر أسباب ونتائج وحلول
Reviewed by Nourddin erron
on
1:14:00 م
Rating: